الرئيسية » الأخبار » بيانات صحفية »
24 كانون الأول 2025

الذكرى السابعة والخمسون لتأسيسها، ستبقى شعلة الجمعية متقدة لخدمة الشعب الفلسطيني والإنسانية

بقلم: نعيم ناصر

تحتفل جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في السادس والعشرين من شهر كانون الأول (ديسمبر) في كل عام بذكرى تأسيسها. وها هم أبناؤها وكوادرها ومتطوعوها وأصدقاؤها ومديروها من أبناء الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات يحتفلون في الشهر الجاري بمرور سبعة وخمسين عاما على ولادتها الكريمة. وهذا الفعل الانساني لم يأت من فراغ، فهي امتداد لجمعيات الهلال الأحمر التي رأت النور في الربع الأول من القرن الماضي، رغم الظروف الصعبة والقاسية التي واجهتها هي ومكونات المجتمع الفلسطيني ومؤسساته، حيث أصبحت علما انسانيا يشار إليه بالبنان، وحظيت باعتراف عربي ودولي نالته بجدارة واستحقاق يعود لحجم الخدمات الانسانية التي قدمتها للشعب الفلسطيني في الوطن وفي مخيمات اللجوء، وبخاصة في لبنان وسورية.

ويعود الفضل في ذلك الى التضحيات التي قدمتها كوادر الجمعية ومتطوعوها على امتداد مسيرتها الطويلة مستلهمة في عملها مبادرات وتجارب روادها الأوائل وفي مقدمتهم الدكتور فتحي عرفات ورؤساء الجمعية السابقون واللاحقون، فمنهم من قضى نحبه ومنهم ما يزال يقوم بواجبه الوطني والانساني بتواضع وبنكران ذات، وفي مقدمتهم رئيس الجمعية د.يونس الخطيب.

فمن عمق الجرح الفلسطيني، استطاعت كوادر الجمعية ومتطوعوها تحمل الأعباء الناجمة عن عسف الاحتلال الاسرائيلي وظلمه واستيلائه على مقدرات الشعب الفلسطيني الحيوية، واستطاعت انقاذ عشرات الاف الجرحى الفلسطينيين وغيرهم الذين تطوعوا لدعم كفاح الشعب الفلسطيني من أجل الحرية والاستقلال الوطني. وتمكنت هذه الكوادر من ايجاد حلول للكثير من المشاكل الاجتماعية التي نجمت عن جبروت هذا الاحتلال الذي عمد طيلة عشرات السنين الى منعها بشتى الوسائل من أداء واجبها الوطني فمنع عنها الكهرباء والمياه والدواء وكل ما تحتاج اليه لإنقاذ الجرحى وعلاج المرضى، غير أن الجهود التي بذلتها هذه الكوادر، مدعومة من متطوعيها الفلسطينيين والعرب والأجانب وقفت حائلا بينه وبين تحقيق أهدافه التي تمنى أن يحققها عبر حصاره للمدن والبلدات الفلسطينية ومذابحه البشعة التي دأب على ارتكابها بحق الشعب الفلسطيني.

ومن واقع تجربتها الطويلة تعلمت كوادر الجمعية كيف تداوي الجراح، ومن حلكة وظلمة اليأس تعلمت كيف تنسج خيوط الأمل، وبرد الخيمة علمها كيف تبث دفء الحنان في قلب أم مكلومة لفقدان ابنها الشهيد.

وما أكثر ما علمت عيون طفل الشهيد الكوادر معنى الحياة بلا يأس طالما في العقل مبدأ، وفي القلب حياة وهدف وحب عظيم للانسانية يتحدى ويناضل ويجابه.

وتعلمت هذه الكوادر من الكفاح الفلسطيني كيف تصون حقوق الجرحى والمرضى، وكيف يولد من رحم المشفى الذي دمره الاحتلال مشفى جديد اساسه طب وأمل وعزيمة واصرار. وتعلمت، كذلك، أن تكون قطرة ماء لأرض ظمأى، وأن تكون هناك، حيث يجب أن تكون رغم الظروف الصعبة. كما علمتها الحياة، بكل تناقضاتها والامها وجراحها كيف تبتسم.

وخلال مسيرتها الانسانية لعشرات السنين، التي لم تكن معبدة بالورود، وانما بالتضحيات الجمة، فقدت الجمعية منذ تأسيسها في العام 1968 نحو 224 شهيدا، من بينهم شهداء من مصر ولبنان، كانوا من ضمن الذين تطوعوا في صفوف الجمعية لبلسمة الجرح الفلسطيني النازف، وأصيب عشرات الالاف بجروح مختلفة.

وفي هذا السياق المأساوي لا تزال حرب الابادة الاسرائيلية تشن بكل بشاعتها على قطاع غزة، ومع ذلك تواصل كوادر الجمعية ومتطوعوها يقومون بواجباتهم الانسانية رغم المخاطر التي يتعرضون لها من الة الحرب الاسرائيلية، حيث ارتقى حتى الان في القطاع وحده 56 شهيدا اندرجوا في العدد الذي أشرنا اليه سابقا، عدا عن الاف الجرحى والمعوقين. ولم يقتصر الامر على التضحية بالأنفس فقط، فقد ذاق العشرات من أفراد هذه الكوادر والمتطوعين عذابات ومرارة الأسر في السجون الاسرائيلية.

ومع كل ذلك، وعلى الرغم من الالام والصعوبات التي طالت كوادر الجمعية ومتطوعيها، كثفت الجمعية فعالياتها الانسانية، التي لم تقتصر على تقديم الخدمات الانسانية لضحايا الاعتداءات الاسرائيلية، فحسب، بل شملت تقديم خدمات الرعاية الصحية الأولية للمواطنين في الوطن، وخصوصا للذين يقطنون في الأماكن النائية، إضافة الى تقديم الدعم النفسي للألوف من السكان، ولا سيما للأطفال الذين تضرروا من ممارسات الاحتلال القمعية.

بهذه الروح المعطاءة ستواصل الجمعية مسيرتها الوطنية والانسانية معتمدة على كوادرها ومتطوعيها وأصدقائها، خدمة للانسان الفلسطيني وكل محتاج لهذه الخدمة.